الحق في أن تُسمع: ضمانات المتهم قبل إصدار الأحكام

الحق في أن تُسمع: ضمانات المتهم قبل إصدار الأحكام
الحق في أن تُسمع: ضمانات المتهم قبل إصدار الأحكام
في قلب كل نظام قضائي عادل، يقف مبدأ جوهري لا يقبل المساس: لكل إنسان الحق في أن يُسمع قبل أن يُدان. ليس لأننا نفترض براءته فقط، بل لأن هذا الحق ينبع من احترامنا لكرامته الإنسانية. فكل متهم هو إنسان أولًا، له صوت وعقل، وله الحق في أن يشرح، يُدافع، ويُحاور قبل أن تُصدر العدالة كلمتها.
 
في دولة الإمارات العربية المتحدة، يُعد هذا المبدأ جزءًا لا يتجزأ من البنية القانونية والقضائية، وتُكرّس له القوانين المحلية حماية واسعة تبدأ من لحظة الاشتباه أو التوقيف، ولا تنتهي إلا بصدور حكم نهائي، قابل للاستئناف والطعن.
 
حق الدفاع: جوهر العدالة وليس إجراءً شكليًا
من أبرز معالم العدالة الإجرائية في الإمارات، أن حق الدفاع ليس رفاهية قانونية، ولا إجراء شكليًا يمكن تجاوزه، بل هو حق أصيل مقدس لا يُمس. وقد كرسه المشرّع الإماراتي بوضوح، مانحًا كل متهم الفرصة الكاملة للدفاع عن نفسه، سواء بحضوره الشخصي أو عبر محامٍ يمثله بكفاءة.
 
ويشمل هذا الحق الاطلاع على ملف القضية، ومعرفة الأدلة والشهادات المقدمة ضده، ومناقشة الشهود، وتقديم البينات المضادة، وتفنيد ما يُقدَّم من روايات أو وقائع. إن تمكين المتهم من الدفاع يضمن ألا تتحوّل المحكمة إلى أداة إدانة، بل تظل منبرًا للبحث عن الحقيقة بكل تجرد.
 
المواجهة العادلة: لا أحكام في الظل
العدالة لا تُبنى في الظلام. في الإمارات، لا يجوز إصدار حكم بناءً على أدلة لم تُعرض على المتهم، أو لم يُمنح فرصة للرد عليها. فـ المحاكمة العادلة تعني إبلاغ المتهم بالتهمة بلغة واضحة، وتمكينه من الاطلاع على كل عناصر الاتهام، ومن ثم مناقشتها بحرية.
 
قاعة المحكمة ليست مجرد مكان لتمثيل القانون، بل ساحة شفافة يُعرض فيها كل طرف حججه، ويُمنح فيها المتهم كامل الوسائل للرد والمواجهة. فالمواجهة القانونية ليست خصومة بل بحث متوازن يضمن أن لا يُدان إنسان دون أن يسمع له صوت.
 
الحماية من الإكراه: لا اعتراف تحت الضغط
ينص الدستور الإماراتي بوضوح على حماية المتهم من المعاملة المهينة أو القسرية. فلا يجوز إجبار أي شخص على الإدلاء باعتراف أو تصريح تحت التهديد، أو الضغط النفسي أو الجسدي. ويُعتبر كل اعتراف يُنتزع بالإكراه باطلًا قانونًا وغير ذي قيمة.
 
ومن هنا، تُلزم القوانين الجهات المختصة بإبلاغ المتهم بحقوقه منذ لحظة توقيفه، بما في ذلك حقه في الصمت، وحقه في التواصل مع محامٍ، وحقه في ألا يُساء معاملته بأي شكل من الأشكال. فكل إجراء يتم خارج هذا الإطار، يُعد تجاوزًا لحدود العدالة، ويُعرض القضية للبطلان.
 
دور القاضي: حارس العدالة وليس خصمًا
في النظام القضائي الإماراتي، لا يلعب القاضي دورًا اتهاميًا، بل هو حارس العدالة ومراقب التوازن بين الأطراف. من واجبه التأكد من أن المتهم فهم التهمة الموجهة إليه، وأنه مُنح فرصة حقيقية للدفاع عن نفسه. القاضي لا يُصدر حكمًا بناءً على الشبهات أو الانطباعات، بل بناءً على أدلة قانونية، ومرافعات، وبيّنات خضعت للتمحيص العلني.
 
ولتعزيز الضمانات، يُتيح القانون للمتهم حق الاستئناف والطعن في الأحكام، مما يضيف طبقة جديدة من الحماية ضد احتمال الخطأ القضائي، ويمنح النظام القضائي مزيدًا من العمق والموثوقية.
أعجبك المقال؟ شاركه من خلال الموقع!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن، رأيك يهمنا!
كن أول من يشارك أفكاره ويبدأ المحادثة. نحن متحمسون لمعرفة رأيك!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

منشورات مشابهة