الوساطة القضائية في تسوية المنازعات المدنية والتجارية في القانون الإماراتي

الوساطة القضائية في تسوية المنازعات المدنية والتجارية في القانون الإماراتي
الوساطة القضائية في تسوية المنازعات المدنية والتجارية في القانون الإماراتي
تُعد الوساطة القضائية إحدى أهم الوسائل البديلة لحل النزاعات في النظام القضائي الإماراتي، حيث تهدف إلى تحقيق العدالة بطريقة أكثر مرونة وسرعة من التقاضي التقليدي، مع تقليل الكلفة المادية والمعنوية التي قد تترتب على الأطراف. تعتمد الوساطة على تدخل طرف ثالث محايد يُعرف بالوسيط، تكون مهمته تيسير التواصل بين الأطراف ومساعدتهم على التوصل إلى تسوية مرضية دون فرض قرار إلزامي عليهم.
 
ماهية الوساطة القضائية وأهميتها
تُعتبر الوساطة القضائية آلية اختيارية يمكن للأطراف اللجوء إليها بمحض إرادتهم، كما يمكن للمحكمة أن تقترحها في أي مرحلة من مراحل الدعوى المدنية أو التجارية. وتُسهم الوساطة في تخفيف العبء عن المحاكم من خلال تشجيع الأطراف على حل خلافاتهم بطريقة ودية، دون الحاجة إلى المرور بكامل الإجراءات القضائية التي قد تكون طويلة ومعقدة.
 
ما يميز الوساطة القضائية في النظام الإماراتي هو الاعتراف الرسمي بها ضمن التشريعات كإجراء مشروع وفعّال، يواكب تطورات القضاء الحديث، ويسهم في تعزيز الثقة بين أطراف النزاع، ويخلق بيئة قانونية داعمة للاستثمار والأعمال.
 
إجراءات الإحالة إلى الوساطة
يمكن إحالة النزاع إلى الوساطة القضائية بعد موافقة الأطراف، أو بناءً على اقتراح من المحكمة، أو بموجب اتفاق مُسبق بينهم. يشمل قرار الإحالة تحديد ما يلي:
 
موافقة الأطراف على الدخول في الوساطة.
 
التزامهم بالحضور وتقديم المعلومات والمستندات المطلوبة.
 
تحديد موضوع النزاع بشكل واضح.
 
تحديد مدة الوساطة، والتي لا تتجاوز ثلاثة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة.
 
الاتفاق على كيفية تقاسم التكاليف والمصاريف بين الأطراف.
 
ومن الجدير بالذكر أن قرارات الإحالة إلى الوساطة غير قابلة للطعن، وتؤدي إلى وقف سريان المدد القانونية المتعلقة بالقضية إلى حين انتهاء فترة الوساطة، مع احتفاظ المحكمة بحق اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ حقوق الأطراف أثناء فترة التجميد.
 
نتائج الوساطة وآلية إنهائها
تنتهي الوساطة القضائية بعدة طرق، منها:
 
توصل الأطراف إلى اتفاق تسوية نهائي يتم توقيعه بينهم.
 
اتفاق الأطراف على إنهاء الوساطة دون التوصل لتسوية.
 
انتهاء المهلة القانونية دون تحقيق أي تقدم في عملية الوساطة.
 
في حال فشل الوساطة، يقوم الوسيط برفع تقرير مفصل إلى المركز القضائي المعني يوضح فيه أسباب الفشل، ويوثق مدى التزام الأطراف بحضور الجلسات والتفاعل معها. ويُعاد الملف بعدها إلى المحكمة المختصة لاستئناف النظر في الدعوى من حيث توقفت.
 
التسوية والمصادقة عليها
إذا نجحت الوساطة وأسفرت عن اتفاق مرضٍ بين الأطراف، يقوم الوسيط برفع تقرير يتضمن بنود الاتفاق موقعة من الأطراف، ويتم رفعه إلى المحكمة المختصة للمصادقة عليه. وبمجرد التصديق، يكتسب الاتفاق صفة السند التنفيذي، مما يعني إمكانية تنفيذه مباشرة من قبل الجهات المختصة دون الحاجة إلى رفع دعوى جديدة.
 
نحو عدالة أسرع وأكثر فاعلية
يُعد نظام الوساطة القضائية في دولة الإمارات نموذجًا متطورًا لحل النزاعات، ويُجسّد رؤية الدولة في تطوير منظومة العدالة لتكون أكثر كفاءة واستجابة لاحتياجات المجتمع. كما أن تبني هذا النوع من الحلول البديلة يعكس حرص المشرّع الإماراتي على تبسيط الإجراءات، وتسريع الوصول إلى الحلول، دون الإخلال بمبدأ العدالة وحماية الحقوق.
أعجبك المقال؟ شاركه من خلال الموقع!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن، رأيك يهمنا!
كن أول من يشارك أفكاره ويبدأ المحادثة. نحن متحمسون لمعرفة رأيك!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

منشورات مشابهة