القوانين والقرارات الجديدة في دولة الإمارات: تطور تشريعي يواكب المستقبل

القوانين والقرارات الجديدة في دولة الإمارات: تطور تشريعي يواكب المستقبل

القوانين والقرارات الجديدة في دولة الإمارات: تطور تشريعي يواكب المستقبل

مع بداية عام 2025، رسخت دولة الإمارات العربية المتحدة مكانتها كدولة سبّاقة في التحديث التشريعي وصياغة القوانين التي تعكس رؤيتها الطموحة لمستقبل أكثر ازدهارًا وتوازنًا. فمن خلال حزمة واسعة من القوانين والقرارات الاستراتيجية، استطاعت الدولة أن تحقق معادلة دقيقة بين التحفيز الاقتصادي و حماية الحقوق، وبين جذب الاستثمار و صون القيم المجتمعية. هذه الإصلاحات لا تأتي بمعزل عن مسيرة الدولة المستمرة نحو الريادة، بل هي جزء من رؤية شاملة تستهدف خلق بيئة قانونية مرنة، عادلة، وقادرة على مواكبة التحولات العالمية المتسارعة.

وفيما يلي قراءة موسعة لأبرز المستجدات التشريعية في أربعة مجالات رئيسية:


أولاً: تطورات هامة في قانون الشركات

حرصت الإمارات في عام 2025 على تعزيز جاذبيتها الاقتصادية من خلال إصدار حزمة من التشريعات المنظمة للشركات، والتي توازن بين تشجيع الاستثمار وضمان المنافسة العادلة.

  • أصدر مجلس الوزراء القرار رقم (55) الذي وسّع نطاق الإعفاءات الضريبية لتشمل الشركات الأجنبية المملوكة للحكومات وصناديق التقاعد، مما يعزز الثقة بالبيئة الاستثمارية في الدولة.

  • تم إقرار ضريبة الحد الأدنى العالمي (GloBE) بنسبة 15% على أرباح الشركات متعددة الجنسيات، انسجامًا مع التوجهات العالمية ومعايير منظمة التعاون والتنمية (OECD)، في إطار ما يعرف بـ "الركيزتين".

  • دعمت الدولة الابتكار من خلال تقديم حوافز تصل إلى 50% على الإنفاق في مجالات البحث والتطوير وتوظيف الكفاءات المتخصصة.

  • وحرصًا على منع الممارسات الاحتكارية، وضعت قواعد جديدة للاندماج تحدد سقف تركيز السوق عند 40% مع إلزام الشركات بإخطار الجهات المختصة في حال تجاوز هذه النسبة.

هذه التعديلات تعكس حرص الإمارات على بناء سوق متوازن وشفاف يجمع بين متطلبات المنافسة العادلة وضرورات التطوير الاقتصادي.


ثانياً: قوانين عقارية تضمن التوازن والاستقرار

يشكل القطاع العقاري أحد أهم ركائز الاقتصاد الإماراتي، لذلك جاءت التشريعات الجديدة لتدعم حقوق الأطراف المختلفة وتعزز استقرار السوق:

  • تم تنفيذ قانون الإيجارات في الشارقة رقم (5) لسنة 2024 اعتبارًا من 2025، حيث ألزم المؤجرين بتوثيق عقود الإيجار خلال 15 يومًا فقط، مع منح المستأجر الحق في اللجوء للجهات المختصة في حال امتناع المؤجر عن ذلك.

  • أقرّ المشرع الإماراتي مبدأ المساواة الضريبية للعقارات المحتفظ بها بالقيمة العادلة، مما يسمح لأصحاب العقارات باحتساب الاستهلاك الضريبي بصورة عادلة ومنصفة، ويعزز من جاذبية الاستثمار طويل الأمد.

هذه الإصلاحات تضمن ليس فقط حماية حقوق المستأجرين والمستثمرين، بل تعزز كذلك ثقة السوق العقاري كوجهة آمنة ومستقرة على المدى الطويل.


ثالثاً: إصلاحات تعليمية تدعم جودة الحياة

إيمانًا بأهمية التعليم في صياغة المستقبل، أطلقت وزارة التربية والتعليم في عام 2025 مجموعة من الإصلاحات الجوهرية:

  • اعتماد تقويم دراسي موحد للعام 2025–2026 يتضمن عطلات موحدة وإجازات وسط الفصول الدراسية، بما يخفف من الضغط النفسي والدراسي على الطلبة ويعزز من جودة حياتهم.

  • تحديث نظام معادلة الشهادات الجامعية من الخارج عبر المرحلة الثانية من المشروع، والتي أسهمت في تقليص الإجراءات بنسبة 85%، إلى جانب تسهيل الاعتراف بالتخصصات العالمية وتيسير انخراط خريجي الجامعات الأجنبية في سوق العمل المحلي.

بهذه الخطوات، تؤكد الإمارات التزامها بإعداد جيل معرفي متكامل، مزود بمهارات عالمية، وقادر على المنافسة والإبداع في مختلف المجالات.


رابعاً: تعديلات على قانون العقوبات تعزز الحماية المجتمعية

وفي إطار حرصها على صون القيم الأخلاقية وحماية المجتمع، أجرت الإمارات تعديلات واسعة على قانون العقوبات الاتحادي شملت:

  • تشديد العقوبات على الجرائم الأخلاقية مثل التنكّر بزي النساء، والإجهاض العمدي، والمساس بالخصوصية.

  • تغليظ العقوبات على جرائم السب والقذف الإلكتروني لتشمل فرض غرامات مالية كبيرة، بل وسحب دفتر الشيكات عن المدانين عند اللزوم.

  • استحداث جهاز وطني لمكافحة المخدرات، يتولى تنسيق الجهود الاتحادية وتنفيذ سياسات وطنية متكاملة للحد من هذه الآفة، عبر الجمع بين الوقاية الصارمة والعقوبات الرادعة.

بهذا، تبرهن الإمارات على قدرتها في التكيف مع التحديات المعاصرة، ولا سيما في ظل التحولات الرقمية المتسارعة، من خلال منظومة قانونية متكاملة تعزز الأمن المجتمعي وتحافظ على استقرار الدولة وقيمها.

 

إن هذه الحزمة من القوانين والتعديلات تمثل انعكاسًا مباشرًا لرؤية الإمارات في بناء دولة القانون والمؤسسات، حيث يشكل التوازن بين التنمية الاقتصادية والحماية المجتمعية ركيزة أساسية. فبينما تعمل الدولة على تحفيز الاستثمار و تطوير التعليم و تنظيم العقار، فإنها في الوقت ذاته تحرص على حماية المجتمع وتعزيز منظومة القيم عبر تحديث قانون العقوبات.

وبهذا النهج، تواصل دولة الإمارات مسيرتها بثبات نحو المستقبل، مستندة إلى بنية تشريعية مرنة، متطورة، وعصرية، تجعل منها نموذجًا عالميًا في التحديث القانوني المستدام.

أعجبك المقال؟ شاركه من خلال الموقع!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن، رأيك يهمنا!
كن أول من يشارك أفكاره ويبدأ المحادثة. نحن متحمسون لمعرفة رأيك!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

منشورات مشابهة