هل يحق للزوج منع زوجته من العمل؟

هل يحق للزوج منع زوجته من العمل؟
هل يحق للزوج منع زوجته من العمل؟
أولًا: العمل حق شخصي للمرأة
في ظل تطور المجتمعات المدنية الحديثة، أصبح من المسلم به أن العمل حقٌ شخصي لكل فرد، ويشمل ذلك المرأة المتزوجة. فالعمل لا يُعد فقط مصدرًا للدخل، بل يمثل جزءًا من شخصية الإنسان واستقلاله ومشاركته في بناء المجتمع. ومن هذا المنطلق، فإن الزواج لا يُعتبر سببًا قانونيًا لتقييد هذا الحق، بل يجب أن تقوم العلاقة الزوجية على الاحترام المتبادل والتفاهم والتوازن في الواجبات والحقوق، دون إلغاء شخصية أي طرف أو طموحاته.
 
موقف القانون المدني من عمل الزوجة
تتفق أغلب التشريعات المدنية، على مبدأ حرية المرأة في العمل دون حاجة لإذن مسبق من الزوج، ما لم يكن في ذلك تعارض واضح مع مصلحة الأسرة. ولا يُعتدّ بالاعتراض على عمل الزوجة إذا لم يكن قائمًا على ضرر حقيقي يمكن إثباته. بل إن بعض القوانين تعتبر أن منع الزوجة من العمل دون مبرر مشروع هو نوع من التعسف في استعمال الحق، ويُعد مخالفة قانونية تستوجب تدخل القضاء إذا لزم الأمر.
 
 الحماية القانونية في دولة الإمارات
في دولة الإمارات، جاء القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 بشأن الأحوال الشخصية ليؤكد على هذا الاتجاه. فقد نصت المادة 72 على أن خروج الزوجة من المنزل للعمل لا يُعتبر إخلالًا بواجباتها الزوجية، طالما أن هذا الخروج مشروع، ومتوافق مع الأعراف والقوانين، ولا يسبب ضررًا مباشرًا للأسرة. وهذا يعني أن الأصل في القانون الإماراتي هو السماح للزوجة بالعمل، وأن أي منع من الزوج يجب أن يكون مبنيًا على أسس واقعية ومبررات مقنعة.
 
 الحالات التي يُقبل فيها اعتراض الزوج
رغم أن الأصل هو حرية الزوجة في العمل، إلا أن القانون يراعي خصوصية الحياة الزوجية، ويمنح الزوج الحق في الاعتراض على عمل زوجته في حالات محددة، مثل:
 
إذا كان العمل يؤدي إلى إهمال واضح لواجباتها الأسرية.
 
إذا كان يسبب ضررًا مباشرًا على مصلحة الأطفال أو استقرار الأسرة.
 
إذا طرأت ظروف جديدة غير متوقعة بعد الزواج تُغيّر من طبيعة العلاقة الزوجية أو تؤثر على التوازن الأسري.
 
في مثل هذه الحالات، يمكن للزوج اللجوء إلى القضاء لعرض اعتراضه، ويبقى القرار النهائي بيد القاضي الذي ينظر في مصلحة الأسرة أولًا، ويراعي الظروف المحيطة.
 
 العمل السابق للزواج أو بموافقة الزوج
إذا كانت الزوجة تمارس عملها قبل الزواج، أو وافق الزوج صراحة أو ضمنًا على عملها بعد الزواج، فإن هذه الموافقة تُعد ملزمة، ولا يجوز له التراجع عنها دون مبررات حقيقية. فالقانون يحترم إرادة الطرفين، ويفرض الالتزام بالاتفاقات السابقة، خاصة تلك التي يُبنى عليها الاستقرار الشخصي والمهني للزوجة. وبناءً عليه، فإن تغيير موقف الزوج دون سبب واضح قد يُعتبر تعسفًا ولا يُعتد به قانونًا.
 
هل تتطلب بعض الإجراءات موافقة الزوج؟
في بعض الحالات الإجرائية، مثل إصدار تصريح عمل للزوجة المقيمة على كفالة زوجها في دولة الإمارات، قد يُطلب إرفاق موافقة الزوج ضمن الأوراق الرسمية. لكن هذا الإجراء لا يعني أن للزوج سلطة مطلقة في المنع، بل هو شرط إداري يمكن تجاوزه في حالات النزاع، خاصة إذا ثبت تعسف الزوج أو وُجد حكم قضائي لصالح الزوجة. ولهذا فإن القضاء يظل المرجع الأساسي لحل مثل هذه الخلافات.
 
 دور القضاء في حماية الحقوق
عندما يتحول منع الزوج للزوجة من العمل إلى نزاع حقيقي يؤثر على حياتها الشخصية أو المهنية، يمكن للزوجة اللجوء إلى القضاء. ينظر القاضي في مبررات كل طرف، ويُصدر قراره بناءً على مصلحة الأسرة وتوازن العلاقة الزوجية. لا يُعتمد فقط على موقف الزوج أو الزوجة، بل على مدى تأثير العمل على الحياة المشتركة، ومدى وجود الضرر من عدمه.
 
خلاصة
العمل حقٌ مكفول للمرأة قانونًا، ولا يجوز للزوج منعه إلا ضمن حالات استثنائية ووفق شروط دقيقة. العلاقة الزوجية لا ينبغي أن تكون وسيلة للسيطرة، بل إطارًا للتفاهم والدعم المتبادل. وفي حال نشوء خلاف حول عمل الزوجة، فإن القضاء هو الفيصل الذي يوازن بين حرية الفرد، ومصلحة الأسرة، واحترام العقود والاتفاقات بين الزوجين.
أعجبك المقال؟ شاركه من خلال الموقع!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن، رأيك يهمنا!
كن أول من يشارك أفكاره ويبدأ المحادثة. نحن متحمسون لمعرفة رأيك!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

منشورات مشابهة