التنظيم القانوني لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل الإماراتي

التنظيم القانوني لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل الإماراتي
التنظيم القانوني لتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل الإماراتي
العدالة تبدأ من الاعتراف بالحق
شهدت دولة الإمارات العربية المتحدة تطورًا ملحوظًا في التعامل مع قضايا الأشخاص ذوي الإعاقة، انطلاقًا من مبدأ العدالة الاجتماعية وحق الجميع في المشاركة الكاملة في المجتمع، بما في ذلك سوق العمل. فقد تجاوزت الدولة مرحلة الشعارات والمظاهر الرمزية، ووضعت نصب عينيها تمكين هذه الفئة بشكل حقيقي من خلال تشريعات واضحة وضمانات عملية تضمن لهم المساواة والاندماج الكامل.
 
الأساس القانوني لحقوق أصحاب الهمم
شكّل القانون الاتحادي رقم (29) لسنة 2006 بشأن حقوق ذوي الإعاقة، والمعدل لاحقًا، نقطة تحول جوهرية في رسم ملامح الحماية القانونية لهذه الفئة. إذ نص القانون صراحة على أن الأشخاص من أصحاب الهمم يتمتعون بجميع الحقوق التي يتمتع بها سائر أفراد المجتمع، مع حظر أي تمييز على أساس الإعاقة. ومن هذا المنطلق، بات هذا التشريع مرجعية أساسية لكافة سياسات الدمج والتمكين في مختلف القطاعات، وخصوصًا في ميدان العمل والتوظيف.
 
التوظيف بوصفه تمكيناً لا منّة
تنطلق رؤية الإمارات في دمج ذوي الإعاقة في سوق العمل من منطلق الاستحقاق والكفاءة، لا من باب المنح أو العطف. فقد تبنّت الدولة سياسات عملية تكفل توفير بيئات عمل مهيأة ومناسبة، وتعديل شروط الوظائف لتتناسب مع طبيعة الإعاقة دون الإخلال بمعايير الكفاءة المهنية. وتم تعزيز ذلك من خلال توجيهات حكومية ملزمة للجهات الحكومية والخاصة بتخصيص نسب معينة من الوظائف لأصحاب الهمم، مع الالتزام بتوفير التهيئة البيئية والتكنولوجية اللازمة لأداء مهامهم بكفاءة.
 
آليات الرقابة والتنفيذ
لم تكتف الدولة بإصدار التشريعات، بل أنشأت منظومة رقابية وتنفيذية فعالة لضمان الالتزام بالتشريعات. وتعد وزارة تنمية المجتمع من الجهات الرئيسية المسؤولة عن متابعة تنفيذ سياسات التمكين المهني، حيث تقوم بمتابعة التزام المؤسسات بإتاحة فرص التوظيف، وتقديم الدعم اللازم في مجالات التدريب والتأهيل المهني. كما وُضعت معايير صارمة لضمان استمرارية التوظيف وتحقيق بيئات عمل دامجة تحفظ الكرامة وتمنح الثقة للموظفين من أصحاب الهمم.
 
التمكين الشامل يتجاوز مجرد التوظيف
لا يتوقف مفهوم التمكين المهني عند حدود الحصول على وظيفة، بل يمتد ليشمل منظومة متكاملة من الدعم المستمر تشمل التدريب، والتطوير المهني، وإتاحة الفرصة أمام أصحاب الهمم لتولي المناصب القيادية أو ممارسة ريادة الأعمال. وقد أطلقت الدولة عدة مبادرات وطنية لدعم وتمويل مشاريع ريادة الأعمال الخاصة بأصحاب الهمم، إضافة إلى برامج تأهيلية تقنية وتكنولوجية تمكنهم من المنافسة بجدارة في سوق العمل الحديث.
 
من التحدي إلى الريادة
إن النجاحات التي حققتها دولة الإمارات في تمكين أصحاب الهمم داخل سوق العمل تمثل ثمرة إرادة سياسية وتشريعية واضحة تؤمن بأن التمكين الحقيقي يُبنى على مبدأ تكافؤ الفرص لا على المجاملة أو الشفقة. فقد أثبتت التجربة الإماراتية أن ذوي الإعاقة لا يحتاجون إلى نظرات تعاطف بقدر حاجتهم إلى نظام قانوني عادل يكفل لهم حقوقهم ويدعمهم لتحقيق طاقاتهم وإبداعاتهم. وهكذا تنتقل الدولة تدريجياً من مرحلة "الاستيعاب" إلى مرحلة "الريادة"، وتثبت أن العدالة الحقيقية تبدأ من الاعتراف الكامل بالحق.
أعجبك المقال؟ شاركه من خلال الموقع!

التعليقات

لا توجد تعليقات حتى الآن، رأيك يهمنا!
كن أول من يشارك أفكاره ويبدأ المحادثة. نحن متحمسون لمعرفة رأيك!

اترك تعليقًا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

منشورات مشابهة